وفيه أن الاستثناء قد يكون بإثر القول، وإن كان فيه سكوت يسير لم تنقطع به دونه الأفكار الحائلة بين الاستثناء واليمين، وسيأتى ذلك فى موضعه، إن شاء الله.
- باب الشَّجَاعَةِ وَالْجُبْنِ فِى الْحَرْبِ
٦٨٠ / فيه: أَنَس، كَانَ النَّبِىُّ، (صلى الله عليه وسلم) ، أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ النَّبِىُّ، (صلى الله عليه وسلم) ، سَبَقَهُمْ عَلَى فَرَسٍ، وَقَالَ:(وَجَدْنَاهُ بَحْرًا) . ١٦٨١ / وفيه: جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: بَيْنَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ النَّبِىّ، (صلى الله عليه وسلم) ، وَمَعَهُ النَّاسُ مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْنٍ، فَعَلِقَت الأعراب يسألونه حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ، (صلى الله عليه وسلم) ، فَقَالَ:(أَعْطُونِى رِدَائِى، لَوْ كَانَ لِى عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لا تَجِدُونِى بَخِيلا وَلا كَذُوبًا وَلا جَبَانًا) . قال المهلب: فيه أن الرئيس قد يشجع فى بعض الأوقات إذا وجد من نفسه قوة وإن كان اللازم له أن يحوط أمر المسلمين بحياطة نفسه، لكن النبى لما رأى الفزع المستولى علم أنه ليس يكاد بما أخبره الله فى قوله:(والله يعصمك من الناس)[المائدة: ٦٧] وأنه لا بد أن يتم أمره حتى تمر المرأة من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله؛ فلذلك أمن (صلى الله عليه وسلم) فزعهم باستبراء الصيحة، وكذلك كل رئيس إذا استولى على قومه الفزع ووجد من نفسه قوة فينبغى له أن يذهب عنهم الفزع باستبرائه نفسه، وفيه استعمال المجاز فى الكلام؛ لقوله فى الفرس: