أبوال الإبل طاهرة جعل أبوال الغنم كذلك، ومن جعل أبوال الإبل نجسة جعل أبوال الغنم كذلك، فلما أبيحت الصلاة فى مرابض الغنم فى الحديث الذى نهى فيه عن الصلاة فى أعطان الإبل ثبت أن النهى عن ذلك ليس العلة نجاسة ما يكون منها، فإن كان لما قاله شريك، فإن الصلاة مكروهة حيث يكون الغائط والبول عطنًا كان أو غيره، وإن كان لما قاله يحيى، فإن الصلاة مكروهة بحيث يخاف على النفوس، عطنًا كان أو غيره، فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار، وأما من طريق النظر، فإنا رأيناهم لا يختلفون فى مرابض الغنم أن الصلاة فيها جائزة، وإنما اختلفوا فى الإبل، فرأينا حكم لحمان الإبل كحكم لحمان الغنم فى طهارتها، ورأينا حكم أبوالها كحكم أبوالها فى طهارتها أو نجاستها، فكان يجىء فى حكم النظر أن يكون حكم الصلاة فى مواضع الإبل كهو فى مواضع الغنم قياسًا ونظرًا، وهذا قول أبى حنيفة، وأبى يوسف، ومحمد.
٤٥ - باب مَنْ صَلَّى وَقُدَّامَهُ تَنُّورٌ أَوْ نَارٌ أَوْ شَيْءٌ مِمَّا يُعْبَدُ، فَأَرَادَ بِهِ وجه اللَّهَ
وَقَالَ أَنَسُ قَالَ الرَّسُولُ (صلى الله عليه وسلم) : عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ وَأَنَا أُصَلِّي. / ٦٥ - فيه: ابن عباس: (انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى نبى اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، ثُمَّ قَالَ: أُرِيتُ النَّارَ، فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ) . الصلاة جائزة إلى كل شىء إذا لم يقصد الصلاة إليه وقصد بها الله، تعالى، والسجود لوجهه خالصًا، ولا يضره استقبال شىء من المعبودات وغيرها كما لم يضر الرسول ما رآه فى قبلته من النار.