ولكن أراد أن يبين لنا جواز العذر فى ذلك لمن احتسب نفسه وسخى بها فى نفع المسلمين وحماية الدين، ومن خرج فى مثل هذا الخطير من أمر الله لم يعط الشيطان أذنه ليصغى إلى خدعه، بل عليه من الله حافظ، وبعد ألا ترى تثبيت الله له حين نادى أبو سفيان فى المشركين: ليعرف كل إنسان منكم جليسه. فقال الزبير لمن قرب منه: من أنت؟ فسبق بحضور ذهنه إلى ما لو سبقه إليه جليسه لكان سبب فضيحته، ولو أرسل معه غيره لكان أقرب إلى أن يعثر عليهما، فالوحدة فى هذا هى الحكمة البالغة، وفى المسافر هى العورة البينة، ولكل وجه من الحكمة غير وجه الآخر لتباين القصص واختلاف المعانى، وفى الباب الذى بعد هذا شيء من هذا المعنى.
٤١ - باب سَفَرِ الاثْنَيْنِ
٧٠٥ / فيه: مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، انْصَرَفْتُ مِنْ عِنْدِ الرسول (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ لَنَا - أَنَا وَصَاحِبٍ لِى -: (أَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا) . إن قال قائل: إباحته (صلى الله عليه وسلم) لمالك بن الحويرث وصاحبه أن يؤذنا ويقيما عند انصرافهما من عنده، يعارض قوله (صلى الله عليه وسلم) : (الراكب شيطان، والراكبان شيطانان) ونهيه أن يسافر الرجل وحده. قيل: ليس كما توهمت؛ لأنه لا يجوز على أخباره التضاد. قال الطبرى: ونهيه عن سفر الرجل وحده والاثنين نهى أدب