عنها كارهين لها، فهؤلاء المدينةُ خير لهم، وهم الذين جاء فيهم الحديث (أنها تنفى خبثها) وأما من خرج من المدينة لحاجة أو طلب معيشة أو ضرورة ونيته الرجوع إليها فليس بداخل فى معنى الحديث والله أعلم. وقوله:(يبسون) فقال أبو عبيد: يقال فى الزجر إذا سقت حمارًا أو غيره: بس بس، وهو من كلام أهل اليمن، وفيه لغتان: بَسَسْتُ وأَبْسَسْتُ، فيكون على هذا يَبسون ويُبسون بفتح الباء وضمها. وقال الخليل: بس زجر للبغل والحمار، بضم الباء وفتح السين، تقول: بس بس، يقال منه: يَبُسون ويُبِسون. قال أبو عمر الشيبانى: يقال: بس فلان كلابه أى: أرسلها.
٥ - باب الإيمَانُ يَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ
/ ٢٨٢ - فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ النَّبِىّ، عليه السَّلام:(إِنَّ الإيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ، كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا) . قال المهلب: فيه أن المدينة لا يأتيها إلا المؤمن، وإنما يسوقه إليها إيمانه ومحبته فى النبى (صلى الله عليه وسلم) فكأن الإيمان يرجع إليها كما خرج منها أولا، ومنها ينتشر كانتشار الحية من جحرها، ثم إذا راعها شىء رجعت إلى جحرها، فكذلك الإيمان لما دخلته الدواخل لم يقصد المدينة إلا مؤمن صحيح الإيمان. وقال أبو عبيد: قال الأصمعى: قوله: (يأزر) يعنى ينضم إليها، ويجتمع بعضه إلى بعض. قال الأصمعى: وأخبرنى عيسى بن عمر، عن الأسود الديلى أنه قال: إن فلانًا إذا سئل أرز وإذا دُعى اهتز. قال أبو عبيد: يعنى: إذا سئل المعروف تضام، وإذا دعى إلى طعام وغيره مما يناله اهتز لذلك.