عابر السبيل لا ينفذ فى سفره إلا بقوته عليه وخفته من الأثقال غير متشبث بما يمنعه من قطع سفره، معه زاد وراحلة يبلغانه إلى بغيته من قصده، وهذا يدل على إيثار الزهد فى الدنيا وأخذ البلغة منها والكفاف، فكما لا يحتاج المسافر إلى أكثر مما يبلغه إلى غاية سفره، فكذلك لا يحتاج المؤمن فى الدنيا إلى أكثر مما يبلغه المحل. وقوله:(إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء) حض منه على أن يجعل الموت نصب عينيه، فيستعد له بالعمل الصالح، وحض له على تقصير الأمل، وترك الميل إلى غرور الدنيا. وقوله:(خذ من صحتك لمرضك) حض على اغتنام أيام صحته فيمهد فيها لنفسه خوفًا من حلول مرض به يمنعه من العمل. وكذلك قوله:(ومن حياتك لموتك) تنبيه على اغتنام أيام حياته، ولا يمر عمره باطلاً فى سهوٍ وغفلة، لأن من مات فقد انقطع عمله وفاته أمله وحضره على تفريطه ندمه، فما أجمع هذا الحديث لمعانى الخير وأشرفه.