والناس، ويشهد لصحة قول أنس فى ذلك صلاته (صلى الله عليه وسلم) يوم خيبر العصر والمغرب بوضوء واحد فى حديث سويد، وإنما فعل ذلك ليُرى أمته أن ما يلتزمه (صلى الله عليه وسلم) فى خاصته من الوضوء لكل صلاة ليس بلازم، وقد تقدم هذا المعنى فى أول كتاب الوضوء. وقال بعض العلماء: الوضوء عن غير حدث نور على نور. فمن أراد الاقتداء به (صلى الله عليه وسلم) فى جميع ذلك فمباح، وكان ابن عمر يلتزم اتباعه (صلى الله عليه وسلم) فى جميع أفعاله، ويتوخى المواضع التى صلى فيها، فيصلى فيها حتى أنه كان يدير ناقته فى المواضع التى كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدير ناقته فيها، حبًا للاقتداء به ورغبةً فى امتثال أفعاله (صلى الله عليه وسلم) .
٥٠ - باب مِنَ الْكَبَائِرِ أَنْ لا يَسْتَتِرَ مِنْ بَوْلِهِ
/ ٧٥ - فيه: ابْنِ عَبَّاس، مَرَّ النَّبِىُّ، (صلى الله عليه وسلم) ، بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، أَوْ مَكَّةَ فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِى قُبُورِهِمَا، فَقَالَ (صلى الله عليه وسلم) : تمت يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِى كَبِيرٍ -، ثُمَّ قَالَ: تمت بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ. . . . . - الحديث. قال المهلب: قوله: تمت وما يعذبان فى كبير -، يعنى عندكم، وهو كبير عند الله يدل على ذلك قوله: تمت بلى - أى بلى إنه لكبير عند الله وهو كقوله: تمت إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أنها تبلغ حيث ما بلغت، يكتب له بها سخطه إلى يوم يلقاه -. ومصداق هذا المعنى فى كتاب الله:(وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ)[النور: ١٥] .