وأما أهل الفقه فيقولون: العجز هو ما يستطيع أن يعمله إذا أراد لأنهم يقولون: إن الحج ليس على الفور ولو كان على المهلة عند أهل الكلام لم يصح معناه؛ لأن الاستطاعة لا تكون إلا مع الفعل والذين يقولون بالمهلة يجعلون الاستطاعة قبل الفعل، وأما الكسل فهم مجمعون على أنه ضعف النية وإيثار الراحة للبدن على التعب، وإنما أستعيذ منه؛ لأنه يبعد عن الأفعال الصالحة للدنيا والآخرة، وسيأتى هذا الحديث فى كتاب الدعاء ونزيده بيانًا ووجه حاله إن شاء الله.
- باب مَنْ حَدَّثَ بِمَشَاهِدِهِ فِى الْحَرْب
٦٨٤ / - فيه: السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: صَحِبْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَعْدًا، وَالْمِقْدَادَ بْنَ الأسْوَدِ، وَعَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، إِلا أَنِّى سَمِعْتُ طَلْحَةَ يُحَدِّثُ عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ. قال المؤلف: إنما لم يحدث هؤلاء عن رسول الله والله أعلم خشية التزيد والنقصان؛ لئلا يدخلون فى معنى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (من تقول على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار) فاحتاطوا على أنفسهم أخذًا بقول عمر: (أقلوا الحديث عن رسول الله وأنا شريككم) وقد تقدم هذا فى كتاب العلم. وأما حديث طلحة عن مشاهده يوم أحد، ففيه من الفقه: أن للرجل أن يحدث عما تقدم له من العناء فى إظهار الإسلام وإعلاء كلمته، وما نفذ فيه من أعمال البر والموجبات غير النوافل؛ لأنه كان عليهم نصر الرسول وبذل أنفسهم دونه فرضا؛ ليتأسى بذلك متأسٍ