وكان من حجة الآخرين عليهم فى ذلك أن تلك الأشياء من الطواف بالبيت والسعى بين الصفا والمروة ورمى الجمار قد صُدَّ عنه المحرم، وحيل بينه وبينه، فسقط عنه أن يفعله، والحلق لم يحل بينه وبينه، وهو قادر على فعله، فما كان يصل إلى فعله فحكمه فيه فى حال الإحصار كحكمه فيه فى غير حال الإحصار، وما لا يستطيع أن يفعله فى حال الإحصار فهو الذى يسقط عنه، وقد ثبت عنه عليه السلام أنه حلق حين صُدَّ، فى حديث ابن عمر والمسور، وليس لأحد قياس مع وجود السنة الثابتة. وقد دعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للمحلقين يوم الحديبية ثلاث مرات، ودعا للمقصرين مرة واحدة، فقيل له:(يا رسول الله، لم ظاهرت الترحم على المحلقين؟ قال: لأنهم لم يَشْكُّوا) فثبت بتفصيل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من حلق على من قصر أنه قد كان عليهم الحلق والتقصير، كما يكون عليهم لو وصلوا إلى البيت، ولولا ذلك لما كانوا فيه إلا سواء، ولا كان لبعضهم فى ذلك فضيلة على بعض، فبان أن حكم الحلق والتقصير لا يزول بالإحصار.
١ - باب مَنْ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْمُحْصَرِ بَدَلٌ