أن يغرر مهجته فى غير سبيل الله ما غرر، ولكن سهل عليه ركوب ذلك استلذاذا بإعلاء كلمة الله، ونكاية عدوه والغضب لدينه. وقد تقدم فى باب قوله (صلى الله عليه وسلم) : (الأعمال بالنيات) فى كتاب الإيمان أن ما كان ابتداؤه فيه من الأعمال لله لم يضره بعد ذلك ما عرض فى نفسه، وخطر بقلبه من حديث النفس ووسواس الشيطان، ولا يزيله عن حكمه إعجاب المرء اطلاع العباد عليه بعد مضيه على ما ندبه الله إليه، ولا سروره بذلك، وإنما المكروه أن يبتدئه بنية غير مخلصة لله، فذلك الذى يستحق عامله عليه العقاب.
٩٣٦ / فيه: الْمِسْور: أُهْدِيَتْ للنَّبِىّ، (صلى الله عليه وسلم) ، أَقْبِيَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرَةٌ بِالذَّهَبِ، فَقَسَمَهَا فِى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَعَزَلَ مِنْهَا وَاحِدًا لِمَخْرَمَةَ، فَجَاءَ مَخْرَمَةَ إلى النَّبِىّ، (صلى الله عليه وسلم) ، فَسَمِعَ صَوْتَه، فَأَخَذَ قَبَاءً فَتَلَقَّاهُ بِهِ وَاسْتَقْبَلَهُ بِأَزْرَارِهِ، فَقَالَ:(يَا أَبَا الْمِسْوَرِ، خَبَأْتُ لَكَ هَذَا) ، مرتين، وَكَانَ فِى خُلُقِهِ شِدَّةٌ. قال المؤلف: ما أهدى للنبى من هدايا المشركين فحلال له أخذه؛ لأنه مخصوص بما أفاء الله عليه من غير قتال من أموال الكفار، ويكون له دون سائر الناس، وله أن يؤثر به من شاء، ويمنع منه من شاء، كما يفعل بالفيء، ولذلك خبأ القباء لمخرمة، ومن بعده من الخلفاء بخلافه فى ذلك لا يكون له خاصة دون المسلمين؛ لأنه إنما