واحتجوا من طريق النظر بأن الله تعالى فرض على عباده قصد بيته الحرام مرة فى العمر، ولم يفرض عليهم قصد مسجد المدينة، قالوا: ومن قول مالك أن من نذر الصلاة فى مسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، والمشى إليه ألا يلزمه المشى إليه، وعليه أن يأتيه راكبًا، ومن نذر المشى إلى مكة فإنه يمشى إليها ولا يركب. فدل هذا من قوله أن مكة أفضل، لأنه لم يوجب المشى إليها إلا لتعظيم حرمتها وكبير فضلها.
٣ - باب مَسْجِدِ قُبَاءٍ
/ ١٥٠ - فيه: ابْنَ عُمَرَ، أَنّه كَانَ لا يُصَلِّى الضُّحَى إِلا فِى يَوْمَيْنِ: يَوْمَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيُصَلِّى حول الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَيَوْمَ يَأْتِى مَسْجِدَ قُبَاءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَرِهَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّىَ فِيهِ، وَكَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ الرَسُول (صلى الله عليه وسلم) كَانَ يَزُورُهُ رَاكِبًا وَمَاشِيًا، ويَقُولُ: إِنَّمَا أَصْنَعُ كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِى يَصْنَعُونَ، وَلا أَمْنَعُ أَحَدًا أَنْ يُصَلِّىَ فِى أَىِّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، غَيْرَ أَنْ لا تَتَحَرَّوْا بِصَّلاَتَكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلا غُرُوبَهَا. وترجم له باب مَنْ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ. وقَالَ ابْنِ عُمَرَ: كَانَ رسُول اللَّه (صلى الله عليه وسلم) يَأْتِيه كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا. قال أبو جعفر الداودى: إتيان النبى (صلى الله عليه وسلم) مسجد قباء يدل أن ما قرب من المساجد الفاضلة التى فى المصر لا بأس أن يؤتى ماشيًا وراكبًا، ولا يكون فيه ما نهى أن تُعمل المطى. وذكر ابن أبى شيبة من حديث أبى أمامة بن سهل، عن أبيه، عن النبى، (صلى الله عليه وسلم) : (إن صلاة فى مسجد قباء كعمرة) . وروى عن سعد بن أبى وقاص، وابن عمر، أنهما قالا: صلاة فيه كعمرة. وروى وكيع، عن ربيعة بن عثمان،