لأنه آخر السفر، وإليه منتهى الحاج، وما بعد ذلك فهو رجوع فالتكبير فيه أولى لقوله تعالى:(فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ)[البقرة: ١٩٨] ، وقال:(وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ)[البقرة: ١٨٥] فدل هذا على أن التكبير والدعاء لله عند المشعر الحرام وأيام منى أولى من التلبية؛ لأن معنى التلبية الإجابة، وإذا بلغ موضع النداء قطع التلبية، وأخذ فى الدعاء، وسأل الله حاجاته، وسأذكر اختلافهم فى قطع التلبية فى حديث الفضل وأسامة بعد هذا إن شاء الله.
٧٨ - باب التَّهْجِيرِ بِالرَّوَاحِ يَوْمَ عَرَفَةَ
/ ١٢٠ - فيه: سَالِم، قَالَ: كَتَبَ عَبْدُالْمَلِكِ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ لا يُخَالِفَ ابْنَ عُمَرَ فِى الْحَجِّ، فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، فَصَاحَ عِنْدَ سُرَادِقِ الْحَجَّاج، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ، فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَبَا عَبْدِالرَّحْمَنِ؟ فَقَالَ: الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ، قَالَ: هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَنْظِرْنِى حَتَّى أُفِيضَ عَلَى رَأْسِى، ثُمَّ أَخْرُجُ، فَنَزَلَ حَتَّى خَرَجَ الْحَجَّاجُ، فَسَارَ بَيْنِى وَبَيْنَ أَبِى، فَقُلْتُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الْوُقُوفَ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِاللَّهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُاللَّهِ، قَالَ: صَدَقَ. هذا الحديث يخرج فى المسندات لقول عبد الله للحجَّاج: إن كنت تريد السنة؛ لأن السنة سنة رسول الله. وقال معمر: إن الزهرى سمع هذا الحديث من ابن عمر؛ لأنه شهد تلك الحجة وحضر القصة، وسمع منه حديثًا آخر، وفيه أن تعجيل الرواح للإمام للجمع بين الظهر والعصر فى مسجد عرفة فى أول وقت الظهر سنة، وقد