كان على طريق حسنة من العبادة) لا يقال: إلا فى النوافل، ولا يقال ذلك لمؤدى الفرائض خاصة؛ لأن المريض والمسافر لا يسقط عنهما صلوات الفرائض؛ فسنة المريض الجلوس، وسنة المسافر قصر الصلاة، فلم يبق أن يكتب للمريض والمسافر إلا أجر النوافل كما قال (صلى الله عليه وسلم) : (ما من امرىء تكون له صلاة من الليل يغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه) وهذا لا إشكال فيه.
[٣ باب: السير وحده]
٨٢٥ / فيه: جَابِر، نَدَبَ الرسول (صلى الله عليه وسلم) النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثلاثًا، قَالَ (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّ لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارِيًّا، وَحَوَارِىَّ الزُّبَيْرُ) . قَالَ سُفْيَانُ: الْحَوَارِىُّ: النَّاصِرُ. ١٨٢٦ / وفيه: ابْن عُمَرَ، قَالَ (صلى الله عليه وسلم) : (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا أَعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ) . قال المهلب: نهيه عن الوحدة فى سير الليل إنما هو إشفاق على الواحد من الشياطين؛ لأنه وقت انتشارهم وأذاهم للبشر بالتمثل لهم وما يفزعهم ويدخل فى قلوبهم الوساوس؛ ولذلك أمر الناس أن يحبسوا صبيانهم عند حدقة الليل، وأما قصة الزبير فإنما هى ليعرف أمر العدو، والواحد الثابت فى ذلك أخفى على العدو وأقرب إلى التجسس بالاختفاء والقرب منهم مع ما علم الله من نيته والتأييد عليها، فبعثه (صلى الله عليه وسلم) واثقًا بالله، ومع أن الوحدة ليست محرمة، وإنما هى مكروهة؛ فمن أخذ بالأفضل من الصحبة فهو أولى، ومن أخذ بالوحدة فلم يأت حرامًا، وقد تقدم الكلام فى حديث جابر والأحاديث المعارضة له فى باب:(هل يبعث الطليعة وحده) ، وفى باب (سفر الاثنين) قبل هذا بأبسط من هذا وأتم، فأغنى عن إعادته.