أنه لما يئس من قومه قال:(اللهم أشدد وطأتك على مضر واجعلها كسنى يوسف) . وقال مرةً:(اللهم أعنّى عليهم بسبع كسبع يوسف) . ودعا على أبى جهل بالهلاك ودعا على الأحزاب بالهزيمة والزلزلة، فأجاب الله دعاءه فيهم، ودعا على الذين قتلوا القراء شهرًا فى القنوت، ودعا على أهل الأحزاب أن يحرقهم الله فى بيوتهم وقبورهم، فبالغ فى الدعاء عليهم لشدّة إجرامهم، ونهى عائشة عن الرد على اليهود باللعنة وأمرها بالرفق فى المقارضة لهم، والرد عليهم مثل قولهم ولم يبح لها الزيادة والتصريح، فيمكن أن يكون كان ذلك منه (صلى الله عليه وسلم) على وجه التألف لهم والطمع فى إسلامهم والله أعلم. وأما قوله فى حديث ابن عمر حين لعن النبى (صلى الله عليه وسلم) المنافقين فى الصلاة فأنزل الله عز وجل: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَىْءٌ)[آل عمران: ١٢٨] فذهب بعض أهل التأويل أن هذه الآية ناسخة للعن النبى (صلى الله عليه وسلم) المنافقين فى الصلاة والدعاء عليهم، وأنه عوض من ذلك القنوت فى الصبح، رواه ابن وهب وغيره. وأكثر العلماء على أن الآية ليست ناسخة ولا منسوخة، وأن الدعاء على المشركين بالهلاك وغيره جائز لدعاء النبى (صلى الله عليه وسلم) عليهم فى هذه الآثار المتواترة الثابتة.
٤٥ - بَاب الدُّعَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ
/ ٦٨ - فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنّ طُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو قَدِمَ عَلَى النَّبِيّ - عليه السلام - فَقَالَ: