للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اعتبرنا ذلك من طريق النظر، فرأينا ما الملك فيه متكامل كالعبد الذى لم يُدبره مولاه، والأَمَة التى لم تلد، والبدنة التى لم يوجبها صاحبها، كل ذلك جائز بيعه، والانتفاع به وجائز تمليك منافعه ببدل وبغير بدل، ورأينا البدنة إذا أوجبها ربها، فكل قد أجمع أنه لا يجوز أن يؤاجرها، ولا يجوز أن يبيع منافعها، كان كذلك ليس له أن ينتفع بها، ولا يجوز له الانتفاع إلا بشىء له التعوض بمنافعه وأخد البدل فيها، وروى عن مجاهد فى قوله: (لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى) [الحج: ٣٣] قال: فى طهورها وألبانها وأصوافها وأوبارها حتى تصير بدنًا، وبه قال النخعى وعروة. قال المهلب: وفيه من الفقه تكرير العالم الفتوى، وفيه توبيخ الذى لا يأتمر بالفتوى والدعاء عليه بالويل وشبهه، مما عادة العرب أن تدعوا به، وقيل: هذا مما لا يراد به الوقوع، وإنما هو على سبيل التحضيض، وقد قال عليه السلام: (إنما أنا بشر أغضب كما تغضبون، فمن سَبَبَتْتُه فاجعل ذلك له كفارة وأجرًا) . فهذا دليل أنه عليه السلام لم يُرد بشىء من دُعائه على من وَبَّخَهُ الوقوع.

٩٥ - باب مَنْ سَاقَ الهدىِ مَعَهُ

/ ١٤٤ - فيه: ابْن عُمَرَ، قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْىَ مِنْ ذِى الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِىِّ، عليه السَّلام، بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى، فَسَاقَ الْهَدْيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ، عليه السَّلام، مَكَّةَ، قَالَ لِلنَّاسِ: (مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى،

<<  <  ج: ص:  >  >>