الآخرة، ألا ترى قولهم:(إنما اتبعنا النبى (صلى الله عليه وسلم) فرارًا من النار) فدل هذا أنه أراد (صلى الله عليه وسلم) : لو دخلوها لماتوا فيها ولم يخرجوا منها مدة الدنيا، والله أعلم.
٥ - باب مَنْ لَمْ يَسْأَلِ الإمَارَةَ أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا
/ ١٠ - فيه: عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) : يَا عَبْدَالرَّحْمَنِ، لا تَسْأَلِ الإمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَأْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ) . وترجم له باب من سأل الإمارة وكل إليها. قال المهلب: فيه دليل على أنه من تعاطى أمرًا وسولت له نفسه أنه قائم بذلك الأمر أنه يخذل فيه فى أغلب الأحوال؛ لأنه من سأل الإمارة لم يسألها إلا وهو يرى نفسه أهلا لها، فقد قال (صلى الله عليه وسلم) : (وكل إليها) بمعنى لم يعن على ما أعطاه، والتعاطى أبدًا مقرون بالخذلان، وإن من دعى إلى عمل أو إمامة فى الدين فقصر نفسه عن تلك المنزلة وهاب أمر الله؛ رزقه الله المعونة، وهذا إنما هو مبنى على أنه من تواضع لله رفعه، وذكر ابن المنذر من حديث أبى عوانة، عن عبد الأعلى التغلبى، عن بلال بن مرداس الفزارى، عن حميد، عن أنس، عن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: (من ابتغى القضاء واستعان عليه بالشفعاء وكل إلى نفسه، ومن أكره عليه أنزل الله إليه ملكًا يسدده) وهذا تفسير قوله: (أعنت عليها) فى حديث ابن سمرة.