وفيه: جواز لعن العاصى المسلم إذا كان على وجه الإرهاب عليه؛ لئلا يواقع الفعل، فإذا واقعه فإنه يدعى له بالتوبة والهداية. وفيه: أن الملائكة تدعوا على أهل المعاصى ما داموا فى المعصية، وذلك يدل أنهم يدعون لأهل الطاعة ما داموا فيها.
/ ٨٣ - فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ النَّبِى، عَلَيْهِ السَّلام:(لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ، وَلا تَأْذَنَ فِى بَيْتِهِ إِلا بِإِذْنِهِ، وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ) . قال المهلب: قوله: (لا تأذن فى بيت زوجها إلا بإذنه) ، يعنى لا لرجل ولا لامرأة يكرهها زوجها، فإن ذلك يوجب سوء الظن، ويبعث الغيرة التى هى سبب القطيعة، ويشهد لهذا قوله عليه السلام:(انظرن ما أخواتكن) ، وإن كان الإذن للنساء أخف من الإذن للرجال. فإن قيل: قد جاء لفظ حديث أبى هريرة مختلفًا، وذلك أنه ذكر فى كتاب الطلاق أنه قال:(إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره، فله نصف أجره) ، فهل يعارض قوله عليه السلام:(فإنه يؤدى إليه شطره) ، أم لا؟ قيل: لا تعارض بينهما، بل أحد اللفظين مفسر للآخر، وذلك أن هذا الحديث إنما ورد فى المرأة إذا تصدقت من مال زوجها بغير إذنه بالمعروف مما تعلم أنه يسمح به ولا يتشاح به. وقوله:(فله نصف أجره) ، يفسر قوله:(يؤدى إليه شطره) ، يعنى يتأدى إليه من أجر الصدقة مثل ما يتأدى إلى المتصدق من الأجر، ويصيران فى الأجر نصفين، ويشهد لهذا قوله عليه السلام:(الدال على الخير كفاعله) ، وهذا يقتضى المساواة.