وفيه علامة من علامات النبوة فى بركة الطعام القليل حتى تزودوا منه أجمعون، فكيف بمن يدعى من البطالين قلب الأعيان بعد رسول الله. وأما قوله:(وتزودوا فإن خير الزاد التقوى (فإن جماعة من المفسرين قالوا: نزلت فى ناس من أهل اليمن كانوا يخرجون إلى مكة بغير زاد، وقد تقدم ذلك فى (كتاب الحج) .
[٣ باب: حمل الزاد على الرقاب]
٨١٣ / فيه: جَابِر، خَرَجْنَا، وَنَحْنُ ثَلاثُ مِائَةٍ، نَحْمِلُ زَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا، فَفَنِىَ زَادُنَا، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا يَأْكُلُ فِى كُلِّ يَوْمٍ تَمْرَةً، قَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَأَيْنَ كَانَتِ التَّمْرَةُ تَقَعُ مِنَ الرَّجُلِ؟ قَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَقَدْنَاهَا، حَتَّى أَتَيْنَا الْبَحْرَ، فَإِذَا حُوتٌ قَدْ قَذَفَهُ الْبَحْرُ، يعنى السمك، فَأَكَلْنَا مِنْهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَا أَحْبَبْنَا. قال المهلب: هذه التمرة إنما كانت تغنى عنهم ببركة النبى وبركة الجهاد معه، وإنما بارك الله لهم فى التمرة حتى وجدوا لها مسدا من الجوعة متبينة فى أجسامهم وصبرهم حين فقدوها على الجوع؛ لئلا تخرق العادة عن رتبتها، ولا تخرج الأمور على معهودها المتسق فى حكمته مع أنه قدير أن يخلق لهم طعامًا ويجعل لهم من الحجارة خبزًا ومن الجلاميد فاكهة، لكنه مع قدرته على ذلك لم يخرجهم عن العادة، وفيه الترجمة.