/ ٢ - فيه: أَبُو ذَرّ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِىَّ، عَلَيْهِ السَّلام: أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:(إِيمَانٌ بِاللَّهِ، وَجِهَادٌ فِى سَبِيلِهِ) ، قُلْتُ: فَأَىُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:(أَغْلاَهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا) ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ:(تُعِينُ ضَائعًا، أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ) ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ:(تَدَعُ النَّاسَ مِنَ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى نَفْسِكَ) . قال المهلب: وإنما قرن الجهاد فى سبيل الله بالإيمان به؛ لأنه كان عليهم أن يجاهدوا فى سبيل الله حتى تكون كلمة الله هى العليا، وحتى يفشو الإسلام وينتشر، فكان الجهاد ذلك الوقت أفضل من كل عمل. وقوله:(أغلاها ثمنًا وأنفسها عند أهلها) ، فمعنى ذلك أن من اشتراها بكثير الثمن، فإنما فعل ذلك لنفاستها عنده، ومن أعتق رقبة نفيسة عنده وهو مغتبط بها، فلم يعتقها إلا لوجه الله، وهذا الحديث فى معنى قوله:(لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)[آل عمران: ٩٢] ، وكان لابن عمر جارية يحبها فأعتقها لهذه الآية، ثم ابتغتها نفسه، فأراد أن يتزوجها فمنعه بنوه، فكان بعد ذلك يقرب بنيها من غيره لمكانها من قلبه. وقوله:(تعين ضائعًا) ، أى تعين فقيرًا، (أو تصنع لأخرق) ، يعنى عاملاً لا يستطيع عمل ما يحاوله، والخرق لا يكون إلا فى اليدين، وهو الذى لا يحسن الصناعات.