للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- باب قَوله تَعَالَى: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى) [الإسراء: ١١٠]

/ ٥ - فيه: جَرِير، قَالَ (صلى الله عليه وسلم) : (لا يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لا يَرْحَمُ النَّاسَ) . / ٦ - وفيه: أُسَامَة، جَاءَ النَّبِىِّ، النَّبِىّ (صلى الله عليه وسلم) رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ يَدْعُوهُ إِلَى ابْنِهَا فِى الْمَوْتِ، فَقَالَ: (ارْجِعْ إِلَيْهَا، فَأَخْبِرْهَا أَنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَىْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ) ، فَأَعَادَتِ الرَّسُولَ أَنَّهَا قَدْ أَقْسَمَتْ لَتَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) وَقَامَ مَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَدُفِعَ الصَّبِىُّ إِلَيْهِ، وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ، كَأَنَّهَا فِى شَنٍّ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ. فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ قَالَ: (هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِى قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ) . غرضه فى هذا الباب إثبات الرحمة وهى صفة من صفات ذاته لا من صفات أفعاله، والرحمن وصف به نفسه تعالى وهو متضمن لمعنى الرحمة كتضمن وصفه لنفسه بأنه عالم وقادر وحى وسميع وبصير ومتكلم ومريد للعلم والقدرة والحياة والسمع والبصر والكلام والإرادة، التى جميعها صفات ذاته لا صفات أفعاله، لقيام الدليل على أنه تعالى لم يزل ولا يزال حيًا عالمًا قادرًا سميعًا بصيرًا متكلمًا مريدًا، ومن صفات ذاته الغضب والسخط، والمراد برحمته تعالى إرادته لنفع من سبق فى علمه أنه ينفعه ويثنيه على أعماله، فسماها رحمة، والمراد بغضبه وسخطه إرادته لإضرار من سبق فى علمه إضراره وعقابه على ذنوبه فسماها غضبًا وسخطًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>