وليس ذلك وإن أحببته بواجب، لأن الله لم يوجب فرض الطهارة على عبادة المؤمنين إلا إذا قاموا إلى الصلاة. قال المهلب: فى شهود الحائض المناسك كلها وتكبيرها فى العيدين دليل على جواز قراءتها للقرآن، لأنه من السنة ذكر الله فى المناسك، وفى كتابه إلى هرقل بآية من القرآن دليل على ذلك، وعلى جواز حمل الحائض والجنب القرآن، لأنه لو كان حرامًا لم يكتب النبى إليهم بآى من القرآن، وهو يعلم أنه يمسونه بأيديهم وهم أنجاس، لكن القرآن وإن كان لا يلحقه أذى، ولا تناله نجاسة، فالواجب تنزيهه وترفيعه عمن لم يكن على أكمل أحوال الطهارة، لقوله تعالى:(فى صحف مكرمة مرفوعة مطهرة)[عبس: ١٣، ١٤] ، فلم يكن إطهاره تكريمه وترفيعه ما ظهر ملك مكرم الصحف التى وصفها الله تعالى بالطهارة، كما أراك فى رواية القاسم أن قوله تعالى:(لا يمسه إلا المطهرون)[الواقعة: ٧٩] ليس بمعنى الإلزام والحتم بل بمعنى الأدب والتوقير، وأباح للحائض قراءة القرآن لطول أمرها، وكرهه للجنب إلا الشىء اليسير، لقرب أمره.