وأما من بلغ مكة فحكمه عنده حكم من فاته الحج، يحل بعمرة وعليه الحج من قابل، ولا هدى عليه؛ لأن الهدى لجبر ما أدخله على نفسه، ومن حُبس عن الحج فلم يدخل على نفسه نقصًا. وقال الزهرى: إذا أحصر المكى فلابد له من الوقوف بعرفة وإن تَعَسَّ بعساء، وفى حديث ابن عمر رد على ابن شهاب؛ لأن المحصر لو وقف بعرفة لم يكن محصرًا؛ ألا ترى قول ابن عمر: فطاف بالبيت وبين الصفا والمروة، ولم يذكر الوقوف بعرفة، وفيه أيضًا رَدُّ قول أبى حنيفة أن من كان بمكة لا يكون محصرًا، وقد استدل ابن عمر على أنه يكون محصرًا بقوله:(أليس حسبكم سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن حبس أحدكم عن الحج) والحبس عن الحج هو الإحصار عند أهل اللغة، وقول ابن عمر:(ثم حل من كل شئ حتى يحج عامًا قابلا ويهدى هديًا) معناه عند الحجازيين: إن كان صُدَّ و [. . . . . .] ومعنى الهدى المصدودة إذا قضى الحج، إنما هو من أجل وقوع الحج الذى كان يقع له فى سفر واحد فى سفرين، وكذلك معنى هدى الإحصار بمرض.
٠ - باب النَّحْرِ قَبْلَ الْحَلْقِ فِى الْمَحَصْرِ
/ ٢٣١ - فيه: الْمِسْوَر، أَنَّ النَّبِىّ، عليه السَّلام، نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ. / ٢٣٢ - وفيه: ابْن عُمَرَ، خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ، عليه السَّلام، مُعْتَمِرِينَ، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ النَّبِىّ، عليه السَّلام، بُدْنَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ. قال ابن المنذر: النحر قبل الحلق للمحصر وغيره من ظاهر كتاب الله