أجد لأحد من العلماء إجازة الصلاة على الغائب إلا ما ذكره ابن أبى زيد، عن عبد العزيز بن أبى سلمة، فإنه قال: إذا استوقن أنه غرق، أو قتل، أو أكلته السباع، ولم يوجد منه شىء صلى عليه كما فعل (صلى الله عليه وسلم) بالنجاشى، وبه قال ابن حبيب. وفى نعى النبى للنجاشى، وقوله:(أخذ الراية زيدٌ فأصيب) جواز نعى الميت للناس بخلاف قول من تأول نهى النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، عن النعى أنه الإعلام بموت الميت، روى ذلك حذيفة:(أنه كان إذا مات له ميت، قال: لا تؤذنوا به أحدًا، فإننى أخاف أن يكون نعيًا، فإنى سمعت رسول الله ينهى عن النعى) ، وقال بذلك الربيع بن خثيم، وابن مسعود وعلقمة، وحديث النجاشى أصح من حديث حذيفة، وإنما الذى نهى عنه (صلى الله عليه وسلم) فهو نعى الجاهلية وأفعالها، وفيه علمٌ من أعلام النبوة بإخباره عن الغيب بخبر النجاشى، وخبر زيد وأصحابه، وسيأتى القول فى معنى حديث أنس فى كتاب الجهاد، إن شاء الله.
٥ - بَاب الإذْنِ بِالْجَنَازَةِ
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ (صلى الله عليه وسلم) : (أَلا آذَنْتُمُونِى) . / ١٠ - فيه: ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَاتَ إِنْسَانٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) يَعُودُهُ، فَمَاتَ بِاللَّيْلِ فَدَفَنُوهُ لَيْلا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْبَرُوهُ، فَقَالَ:(مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِى؟) قَالُوا: كَانَ اللَّيْلُ، وَكَانَتْ ظُلْمَةٌ، فَكَرِهْنَا أَنْ نَشُقَّ عَلَيْكَ، فَأَتَى قَبْرَهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ. الإذن بالجنازة والإعلام بها سُنَّة بخلاف قول من كره ذلك، روى عن ابن عمر أنه كان إذا مات له ميت تحين غفلة الناس، ثم خرج