/ ٢٤ - فيه: عَبْدُاللَّهِ، قَالَ: قَالَ رسُول اللَّه (صلى الله عليه وسلم) : (أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ) ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ، قَالَ:(فَإِنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ) . قال المؤلف: هذا الحديث تنبيه للمؤمن على أن يقدم من ماله لآخرته، ولا يكون خازنًا له وممسكه عن إنفاقه فى طاعة الله، فيخيب من الانتفاع به فى يوم الحاجة إليه، وربما أنفقه وارثه فى طاعة الله فيفوز بثوابه. فإن قيل: هذا الحديث يدل على أن إنفاق المال فى وجوه البر أفضل من تركه لوارثه، وهذا يعارض قوله (صلى الله عليه وسلم) لسعد: (إنك إن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالةً يتكففون الناس) . قيل: لا تعارض بينهما، وإنما خص النبى (صلى الله عليه وسلم) سعدًا على أن يترك مالا لورثته؛ لأن سعدًا أراد أن يتصدق بماله كله فى مرضه، وكان وارثه ابنته والابنة لا طاقة لها على الكسب، فأمره (صلى الله عليه وسلم) بأن يتصدق منه بثلثه ويكون باقيه لابنته ولبيت مال المسلمين، وله أجر فى كل من يصل إليه من ماله شىء بعد موته. وحديث ابن مسعود إنما خاطب به (صلى الله عليه وسلم) أصحابه فى صحتهم ونبّه به من شحّ على ماله، ولم تسمح نفسه بإنفاقه فى وجوه البر أن ينفق منه فى ذلك؛ لئلا يحصل وارثه عليه كاملاً موفرًا، ويخيب هو من أجره، وليس فيه الأمر بصدقة المال كله فيكون معارضًا لحديث سعد، بل حديث عبد الله مجمل يفسره حديث سعد، ويدل على صحةً هذا التأويل ما ذكره أهل السير، عن ابن شهاب أن أبا لبابة قال:(يا رسول، إن من توبتى أن أهجر دار قومى التى أصبت فيها الذنب، وأنخلع من مالى صدقة إلى الله ورسوله. قال: يجزئك الثلث) فلم يأمره بصدقة ماله كله.