قيل: لا يمتنع أن يؤمر بفعل الشىء ويكون بعضه مفروضًا وبعضه مسنونًا، ولا يكون وجوب بعضه دليلاً على وجوب باقيه، إلا بدلالة الجمع بين ذلك، وقد خصصناه بدلالة الكتاب والسنة.
٢ - باب السُّجُودِ عَلَى الأنْفِ فِى الْطِينِ
/ ١٦٩ - فيه: أَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: (اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ العَشْرَ الأوَلِ مِنْ رَمَضَانَ. . .) ، وذكر الحديث إلى قوله:(وَإِنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي أَسْجُدُ فِي طِينٍ وَمَاءٍ، فَصَلَّى بِنَا النَّبِيُّ عليه السلام، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ عَلَى جَبْهَةِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَرْنَبَتِهِ، تَصْدِيقَ رُؤْيَاهُ) . قال المؤلف: فى هذا الحديث حجة لمن أوجب السجود على الأنف والجبهة، وقالوا: هذا الحديث مفسِّر لقوله: (أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء) ، فذكر منها الوجه، وأبان فى هذا الحديث أن سجوده كان على أنفه وجبهته. واحتج من قال: يجزئه السجود على جبهته، بأن قال: إنما أمر الساجد أن يمس من وجهه الأرض ما أمكنه إمساسه محاذيًا به القبلة، ولا شىء من وجه ابن آدم يمكنه إمساسه منه غير جبهته وأنفه، فإذا سجد على جبهته وأنفه، فقد فعل أكثر ما يقدر عليه، فإن قصَّر عن ذلك وسجد على جبهته دون أنفه، فقد أدى فرضه، وهذا إجماع من جمهور الأمة. وفى الحديث: أن المصلى فى الطين يسجد عليه، وهذا عند العلماء إذا كان يسيرًا لا يمرث وجهه ولا ثيابه؛ ألا ترى أن وجهه كان سالمًا