وَقَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِىِّ عليه السلام:(لاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهَا إِلاَ مَنْ عَرَّفَهَا) . وَقَالَ مرة: عَنْ النَّبىِّ: (لاَ تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلاَ لِمُنْشِدٍ) . / ٨ - وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ (صلى الله عليه وسلم) مَكَّةَ قَامَ فِى النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:(إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهَا لاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِى، وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَإِنَّهَا لاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِى، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلاَ تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلاَ لِمُنْشِدٍ. . . .) الحديث. اختلف العلماء فى لقطة مكة، فقالت طائفة: حكم لقطتها كحكم لقطة سائر البلدان. قال ابن المنذر: روينا هذا القول عن عمر وابن عباس وعائشة وسعيد بن المسيب، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل. وقالت طائفة: إن لقطتها لا تحل البتة، وليس لواجدها إلا إنشادها. هذا قول الشافعى وابن مهدى وأبى عبيد، قال ابن مهدى: معنى قوله: (لا تحل لقطتها) ، كأنه يريد البتة، فقيل له: إلا لمنشد؟ فقال: إلا لمنشد، وهو يريد المعنى الأول، كما يقول الرجل: والله لأفعلن كذا وكذا، ثم يقول: إن شاء الله، وهو لا يريد الرجوع عن يمينه، ولكنه لقن شيئًا فلقنه فمعناه: أنه ليس يحل له منها إلا إنشادها، فأما الانتفاع بها فلا يجوز.