والأخوال وغيرهم من ذوى الأرحام، فدل ذلك على فساد قول أبى حنيفة والشافعى فى أن القرابة تقع على قرابة الأب والأم؛ لأنه (صلى الله عليه وسلم) لم يعط إلا من رجع إلى عصبته. ويرد قول الشافعى فى التسوية بين الأقرب والأبعد، لأنه (صلى الله عليه وسلم) لما أعطى بنى هشام وبنى المطلب ومنع الآخرين علم أنه لا يستحق بالقرابة إلا على وجه الاجتهاد وقد يدخل فى القرابة جميع قريش؛ لقوله:(يا معشر قريش) وخص بعضهم بالعطاء فصح قول مالك أن يبدأ بالفقراء قبل الأغنياء. قال المهلب: وقوله (صلى الله عليه وسلم) لابنته: (سلينى من مالى ما شئت) فيه من الفقه أن الاستئلاف للمسلمين وغيرهم بالمال جائز؛ لأنه إذا جاز أن يستألف المسلم بالمال حتى يزداد بصيرة فى الإسلام جاز أن يستألف الكافر حتى يدخل فى الإيمان؛ بل هو أوكد.
- باب هَلْ يَنْتَفِعُ الْوَاقِفُ بِوَقْفِهِ
وَقَدِ اشْتَرَطَ عُمَرُ: لا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، وَقَدْ يَلِى الْوَاقِفُ وَغَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ جَعَلَ بَدَنَةً أَوْ شَيْئًا لِلَّهِ، فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا كَمَا يَنْتَفِعُ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ. / ١٧ - فيه: أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ (صلى الله عليه وسلم) رَأَى رَجُلا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ لَهُ: ارْكَبْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ فِى الثَّالِثَةِ أَوْ فِى الرَّابِعَةِ: ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ، أَوْ وَيْحَكَ) . قال المؤلف: لا يجوز للواقف أن ينتفع بوقفه؛ لأنه أخرجه لله وقطعه عن ملكه، فانتفاعه بشىء منه رجوع فى صدقته، وقد نهى النبى (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك، وإنما يجوز له الانتفاع به إن شرط ذلك فى الوقف أو أن يفتقر المحبس أو ورثته فيجوز لهم الأكل منه.