أن قوله عليه السلام:(لو راجعتيه) ، معناه غير الرجعة التى تكون بين الزوجين فى طلاق يكون للزوج فيه الرجعة، ولو كان ذلك معناه لكان ذلك إلى زوج بريرة دونها، ولم يكن لزوجها حاجة أن يستشفع برسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى أن تراجعه. وفيه: أنه لا حرج على مسلم فى هوى امرأة مسلمة وحبه لها ظهر ذلك منه أو خفى، ولا إثم عليه فى ذلك، وإن أفرط فيه ما لم يأت محرمًا، وذلك أن مغيثًا كان يتبع بريرة بعدما بانت منه فى سكك المدينة مبديًا لها ما يجده من نفسه من فرط الهوى وشدة الحب، ولو كان هذا قبل اختيارها نفسها لم يكن، عليه السلام، يقول لها:(لو راجعتيه) ؛ لأنه لا يقال لامرأة فى حيال رجل وملكه بعصمة النكاح: لو راجعتيه، وإنما يسئل المراجعة المفارق لزوجته، وإذا صح ذلك، فغير ملوم من ظهر منه فرط هوى امرأة يحل له نكاحها نكحته بعد ذلك أم لا، ما لم يأت محرمًا ولم يغش مأثمًا. وفيه: أنه من بانت منه زوجته بخلع أو فدية مما تكون المرأة فيه أولى بنفسها من زوجها ولا رجعة له عليها، أنه يجوز له خطبتها فى عدتها، ولا بأس على المرأة فى إجابته إلى ذلك؛ لأنه عليه السلام شفع إلى بريرة وخطبها على زوجها الذى بانت منه تصريح الخطبة التى هى محظورة فى العدة، ولو أن غيره كان الراغب فيها لما جاز له التصريح بالخطبة.