شفع فيه، وليس أحد من الخلق أعلى رتبة من النبى، عليه السلام، فغيره من الخلق أحرى ألا يكون منكرًا رده فيما شفع فيه. وفيه من الفقه: أن بغض الرجل للرجل المسلم على وجه كراهة قربه والدنو منه على غير وجه العداوة له، ولكن اختيار التبعد منه لسوء خلقه وخبث عشرته وثقل ظله، أو لغير ذلك مما يكره الناس بعضهم من بعض جائز، كالذى ذكر من بغضه امرأة ثابت بن قيس بن شماس له، مع مكانه من الدين والفضل لغير بأس، لكن لدمامة خلقه وقبحه حتى افتدت منه، وفرق بينهما النبى (صلى الله عليه وسلم) ، ولم ير أنها أتت مأثمًا ولا ركبت معصية بذلك بل عذرها وجعل لها مخرجًا من المقام معه وسبيلاً إلى فراقه والبعد منه، ولم يذمها على بغضها له على قبحه وشدة سواده، وإن كان ذلك جبلة وفطرة خلق عليها، فالذى يبغض على ما فى القدرة تركه من قبيح الأحوال ومذموم العشرة أولى بالعذر وأبعد من الذم. وفيه من الفقه: أنه لا بأس بالنظر إلى المرأة التى يريد خطبتها وإظهار رغبته فيها، وذلك أنه عليه السلام لم ينكر على زوج بريرة وقد اختارت نفسها وبانت منه اتباعه إياها فى سكك المدينة باكيًا على فراقها، وإن ظن أحد أن ذلك كان قبل اختيار بريرة نفسها، فقوله عليه السلام:(لو راجعتيه) ، يدل أن ذلك كان بعد بينونتها، ولو كان قبل بينونتها لقال لها: لو اخترتيه. ولا خلاف بين الجميع أن المملوكة إذا عتقت وهى تحت زوج فاختارت نفسها، أنها لا ترجع إلى الزوج الذى كانت تحته إلا بنكاح جديد غير النكاح الذى كان بينها وبينه قبل اختيارها نفسها، فعلم