/ ١١٩ - فيه: عَبْدُ اللَّه بْنُ عَمْرِو، قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ:(أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ باللَّيْلِ وَتَصُومُ بالنَّهَارِ؟) ، قُلْتُ: إِنِّى أَفْعَلُ ذَلِكَ، قَالَ:(فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ عَيْنُكَ، وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ حَقًّا، وَلأهْلِكَ حَقًّا، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ) . قال المهلب: فيه أن من دخل فى طاعة الله وقطعها فإنه مذموم، وقد عاب الله قومًا بذلك فقال:(ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم)[الحديد: ٢٧] فاستحقوا الذم حين لم يفوا بما تطوعوا به، ولا رعوه حق رعايته، فصار رجوعًا منهم عنه، فلذلك لا ينبغى أن يدخل فى شىء من العبادة ويرجع عنها، بل ينبغى أن يرتقى المرء كل يوم فى درج الخير، ويرغب إلى الله أن يجعل خاتمة عمله خيرًا من أوله، ولذلك كان (صلى الله عليه وسلم) لا يحب من العمل إلا ما دام عليه صاحبه وإن قل. فإن كان قطع العمل بمرض أو شغل وضعف عنه فلا لوم عليه، بل يرجى له من الله ألا يقطع أجره، فقد جاء عن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، أن المريض يكتب له أجر ما كان يعمله فى صحته، وفى كتاب الله ما يشهد لذلك قوله:(ثم رددناه أسفل سافلين)[التين: ٥] ، يعنى بالهرم والضعف) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون) [التين: ٦] ، أى غير مقطوع وإن ضعفوا عن العمل يكتب لهم أجر عملهم فى الشباب والصحة. وقوله:(إن لنفسك عليك حقًا) يريد ما جعل الله، تعالى، للإنسان من الراحة المباحة واللذة فى غير محرم، فإن فى ذلك قوة على طاعة الله ونشاطًا إليها، وكذلك للأهل حق على الزوج أن يوفيهم حقوق الزوجية، وأن ينظر لهم فيما لابد لهم من أمور الدنيا والآخرة.