ما ذكر الله فى آخر سورة الممتحنة، وذكره عبادة بن الصامت فى حديثه، ولم يفرض فى هذه البيعة حرب إنما كانت بيعة النساء، وقد تقدم بيان ذلك فى (كتاب الإيمان) فى باب (علامة الإيمان حب الأنصار) . وأما قول عبد الله بن زيد فى زمن الحرة: لا أبايع أحدًا على الموت بعد النبي. وإنما قال ذلك؛ لأنه يرى القعود فى الفتن التى بين المسلمين وترك القتال مع إحدى الطائفتين، وقد ذهب إلى ذلك جماعة من السلف على ما يأتى بيانه فى (كتاب الفتنة) ، فى باب قوله (صلى الله عليه وسلم) : (تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم) .
[٤ - باب: عزم الإمام على الناس فيما يطيقون]
٧٩٧ / فيه: ابْن مسعود، قَالَ: لَقَدْ سَأَلَنِى رجلٌ عَنْ أَمْرٍ مَا دَرَيْتُ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلا مُؤْدِيًا نَشِيطًا يَخْرُجُ مَعَ أُمَرَائِنَا فِى الْمَغَازِى، فَيَعْزِمُ عَلَيْنَا فِى أَشْيَاءَ لا نُحْصِيهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لَكَ إِلا أَنَّا كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ (صلى الله عليه وسلم) فَعَسَى أَنْ لا يَعْزِمَ عَلَيْنَا فِى أَمْرٍ إِلا مَرَّةً حَتَّى نَفْعَلَهُ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَزَالَ بِخَيْرٍ مَا اتَّقَى اللَّهَ، وَإِذَا شَكَّ فِى نَفْسِهِ شَىْءٌ سَأَلَ رَجُلا فَشَفَاهُ مِنْهُ، وَأَوْشَكَ أَنْ لا تَجِدُوهُ، وَالَّذِى لا إِلَهَ إِلا هُوَ مَا أَذْكُرُ مَا غَبَرَ مِنَ الدُّنْيَا إِلا كَالثَّغْبِ شُرِبَ صَفْوُهُ وَبَقِىَ كَدَرُهُ. قال المهلب: هذا الحديث يدل على شدة لزوم الناس طاعة الإمام ومن يستعمله الإمام؛ ألا ترى تحرج السائل لعبد الله وتعرفه كيف موقع التخلف عن أمر السلطان من السنة، وتحرج عبد الله من أن يفتيه