قال ابن القصار: لما كان لأرباب الماشية تسريحها بالنهار وكان على أرباب الثمار حفظها بالنهار، فإذا فرطوا فى الحفظ لم يتعلق لهم على أرباب المواشى ضمان، ولما كان على أرباب المواشى حفظ مواشيهم بالليل فإن أصحاب الأموال ليس عليهم حفظ زروعهم بالليل، وفرط أهل المواشى فى ترك الحفظ لزمهم الضمان، وعلى هذا جرت العادة ورتبه النبى (صلى الله عليه وسلم) وهذا القول أولى بالصواب لوجوب الجمع بين حديث العجماء جبار وحديث ناقة البراء، وليس أحدهما أولى بالاستعمال من الآخر. ووجه استعمالهما أن يكون قوله:(العجماء جبار) فى النهار ولا يكون جبارًا فى الليل لحديث ناقة البراء. وأما قول الليث فمخالف لحديث ناقة البراء ولحديث العجماء جبار فلا وجه له.
- باب إِثْمِ مَنْ قَتَلَ ذِمِّيًّا بِغَيْرِ جُرْمٍ
/ ٤٦ - فيه: عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِىِّ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا) . قال المهلب: هذا دليل أن المسلم إذا قتل الذمىّ فلا يقتل به؛ لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) إنما ذكر الوعيد للمسلم وعظم الإثم فيه فى الآخرة، ولم يذكر بينهما قصاصًا فى الدنيا، وسيأتى بعد هذا. وقوله (صلى الله عليه وسلم) : (لم يرح رائحة الجنة) معناه على الوعيد، وليس على الحتم والإلزام، وإنما هذا لمن أراد الله إنفاذ الوعيد عليه.