ومعنى النكت بالمخصرة هو إشارة إلى المعانى، وتفصيل الكلام وإحضار القلب للفصول، والمعنى، والمخصرة: عصا، وهذا الحديث أصل لأهل السُّنَّة فى أن السعادة والشقاء خلق لله، بخلاف قول القدرية الذين يقولون: إن الشر ليس بخلق لله، وفيه رد على أهل الجبر، لأن المجبر لا يأتى الشئ إلا وهو يكرهه، والتيسير ضد الجبر، ألا ترى قول الرسول:(إن الله تجاوز لى عن أمتى ما استكرهوا عليه) والتيسير هو أن يأتى الإنسان الشىء وهو يحبه، وسيأتى بقية الكلام فى هذا الحديث فى كتاب القدر، إن شاء الله تعالى.
٦٥ - باب مَا جَاءَ فِى قَاتِلِ النَّفْسِ
/ ٨٩ - فيه: ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، قال: قَالَ النَّبِىِّ (صلى الله عليه وسلم) : (مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإسْلامِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا، فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ عُذِّبَ بِهِا فِى نَارِ جَهَنَّمَ) . / ٩٠ - وفيه: جُنْدَب، عن الرسول، قَالَ:(كَانَ بِرَجُلٍ جِرَاحٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بَدَرَنِى عَبْدِى بِنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) . / ٩١ - وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ (صلى الله عليه وسلم) : (الَّذِى يَخْنُقُ نَفْسَهُ، يَخْنُقُهَا فِى النَّارِ، وَالَّذِى يَطْعُنُهَا، يَطْعُنُهَا فِى النَّارِ) . أجمع الفقهاء وأهل السُّنَّة أن من قتل نفسه أنه لا يخرج بذلك عن الإسلام، وأنه يصلى عليه، وإثمه عليه كما قال مالك، ويدفن فى مقابر المسلمين، ولم يكره الصلاة عليه إلا عمر بن عبد العزيز، والأوزاعى فى خاصة أنفسهما، والصواب قول الجماعة، لأن الرسول سن الصلاة على المسلمين، ولم يستثن منهم أحدًا، فيصلى على جميعهم الأخيار والأشرار إلا الشهداء الذين أكرمهم الله بالشهادة.