وقد جعل الله الليل سكنًا، وفيها تكلف الحركة فى ظلمة الليل مع خوف الهوام الضارة فى الطريق، وأما الفجر فوقت اشتداد النوم لمحبة الناس استدامة الراحة، فكان خروجًا من الدعة إلى تعب الوضوء والمشى إلى المساجد وليس كسائر الصلوات، وبين ذلك قوله:(أثقل الصلاة على المنافقين العشاء والفجر) ، وقال ابن عمر: كنا إذا فقدنا الرجل فى صلاة العشاء والصبح أَسأْنا به الظن، وقال عمر: إنى لأشهد الفجر فى جماعة أحب إلى من أن أقوم ليلة، وقال عثمان: من شهد العشاء فكأنما قام نصف ليلة، ومن شهد الصبح كأنما قام ليلة، وقوله:(ولو حَبْوًا) ، يعنى لأتاهما من لا يقدر على المشى كالمقعد وشبهه.
- باب الْكَلامِ فِي الأذَانِ
وَتَكَلَّمَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ فِي أَذَانِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: لا بَأْسَ أَنْ يَضْحَكَ وَهُوَ يُؤَذِّنُ أَوْ يُقِيمُ. / ١٣ - وفيه: ابْنُ عَبَّاسٍ (أنه خطبهم فِي يَوْمٍ رَدْغٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ الصَّلاةُ فِي الرِّحَالِ، فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: فَعَلَ هَذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَإِنَّهَا عَزْمَةٌ) . قال المؤلف: رخص فى الكلام فى الأذان عروة بن الزبير، وعطاء وقتادة، وبه قال عبد العزيز بن أبى سلمة وأحمد بن حنبل، وكرهه النخعى، وابن سيرين، ومالك، والثورى، والأوزاعى، وأبو حنيفة، وأصحابه، والشافعى، إلا أنه روى عن الكوفيين أنه إن تكلم فى أذانه يجزئه ويبنى، وقال ابن القاسم فى المجموعة: إذا خاف على صبى أو أعمى أو دابة تقع فى بئر وشبهه تكلم وبنى، وقال الزهرى: إن تكلم فى الإقامة أعادها، وهذا الحديث يدل أنه من