شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاسْتَقْبَلَ غَزْوَ عَدُوٍّ كَثِيرٍ، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ؛ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ، وَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِى يُرِيدُ. وَقَلَّمَا كَانَ، (صلى الله عليه وسلم) ، يَخْرُجُ فِى سَفَرٍ إِلا يَوْمَ الْخَمِيسِ، وخَرَجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ. قال المهلب: فيه المكايدة فى الحرب، وطلب غرة العدو، وفيه جواز الكلام بغير نية للإمام وغيره إذا لم يضر بذلك أحدًا وكان فيه نفع للمسلمين خاصة وعامة فهو جائز وهو خارج من باب الكذب وأخبرهم (صلى الله عليه وسلم) بغزوة تبوك لطول المدة؛ ليتأهبوا كما ذكر فى الحديث، ولأنه آمن ألا يسبقه إليها الخبر لبعد الشقة التى بينه وبينها وقفرها، وخروجه يوم الخميس لمعنى يجب أن يحمل عليه ويتبرك به؛ لأن لنا فى رسول الله أسوة حسنة. وقوله:(ورى بغيرها) قال أبو على الفسوى: أصله من الورى كأنه قال: لم يشعر به من ورى كأنه قال: ساترت بكذا، وأصحاب الحديث لا يضبطون الهمز فيه، وتصغيره: ورية وأصله: وريية، ويسقط واحدة منهما كما قلت فى عطاء: عطى، والأصل: عطيى فتقول: وريت عن كذا وكذا بغير همز، والمفازة: المهلكة سميت بذلك تفاؤلا بالفوز والسلامة كما قالوا للديغ: سليم. وذكر ابن الأنبارى عن ابن الأعرابى، المفازة مأخوذة من قولهم: قد فوز الرجل: إذا هلك.