الجمعة قبل الزوال، وهذا القول يرده حديث أنس المذكور فى هذا الباب وعمل الخلفاء بعده. وقال ابن القصار: لا تخلو الجمعة من أن تكون ظهرًا فوقتها لا يختلف، أو بدلاً من الظهر فيجب ألا يختلف أيضًا؛ لأن الأبدال لا تتقدم مبدلاتها، كالقصر فى السفر لا يخرج الصلاة عن أوقاتها. وقوله: كنا نبكر بالجمعة، فإنما يريد أنهم كانوا يصلونها بعد الزوال فى أول الوقت وهو وقت الرواح عند العرب. وقوله:(نقيل بعد الجمعة) ، يعنى أنهم كانوا يقيلون بعد الصلاة بدلاً من القائلة التى امتنعوا منها بسبب تبكيرهم إلى الجمعة، وقد ذكر ابن أبى شيبة فى حديث جابر بن عبد الله، وسلمة بن الأكوع أنهما قالا: كنا نصلى مع رسول الله الجمعة إذا زالت الشمس.
- باب إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
/ ٢٨ - فيه: أَنَسَ قَالَ: (كَانَ النَّبِيُّ عليه السلام، إِذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلاةِ، وَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ برَدَ بِالصَّلاةِ - يَعْنِي: الْجُمُعَةَ) . وقَالَ أَبُو خَلْدَةَ:(صَلَّى بِنَا أَمِيرنا الْجُمُعَةَ، ثُمَّ قَالَ لأنَس: كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ يُصَلِّي الظُّهْرَ؟) . هذا الباب فى معنى الذى قبله أن الجمعة وقتها وقت الظهر، وأنها تصلى بعد الزوال يبرد بها فى شدة الحر، ولا يكون الإبراد إلا بعد تمكن الوقت، ومدار هذا الباب على ذكر الظهر؛ فإذا صح بهذا أن الجمعة هى الظهر لم يجز أن تصلى قبل الزوال كما زعم مجاهد وأحمد بن حنبل.