قام إلى الصلاة فزعًا وجرَّ رداءه شغلاً بما نزل، وهذا يدل أن جرّ الثوب لا يذم إلا ممن قصد ذلك واعتمده. وفيه: إبطال ما كان عليه أهل الجاهلية من اعتقادهم أن الشمس تنكسف لموت الرجل من عظمائهم، فأعلمهم (صلى الله عليه وسلم) ، أنها لا تنكسف لموت أحد، ولا لحياته وإنما هو تخويف وتحذير. وفيه: رد على من زعم أن النجوم تسقط عند موت أحدٍ.
[- باب الصدقة فى الكسوف]
/ ٣٠ - فيه: عَائِشَةَ، قَالَتْ: كسفت الشَّمْسُ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدِ انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:(فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَادْعُوا اللَّهَ، وَكَبِّرُوا، وَصَلُّوا، وَتَصَدَّقُوا) ، ثُمَّ قَالَ:(يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِىَ عَبْدُهُ، أَوْ تَزْنِىَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا، وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا) . فيه: أن الإمام يلزمه عند الآيات موعظته للناس ويأمرهم بأعمال البر وينهاهم عن المعاصى، ويذكرهم نقمات الله. وفيه: أن الصدقة والصلاة والاستغفار تكشف النقم، وترفع العذاب، ألا ترى قوله (صلى الله عليه وسلم) ، للنساء:(تصدقن فإنى رأيتكن أكثر أهل النار) . قال المهلب: وفيه دليل أن أكثر ما تهدد (صلى الله عليه وسلم) ، فى ذلك الوقت بالكسوف إنما كان من أجل الغِنَاء، وذلك عظيم فى عهد النبوة