النفوس التى يخشى منها السآمة والملل الذى هو سبب إلى ترك العبادة، والله يحب أن يديم فضله، ويوالى إحسانه أبدًا، وقد قال (صلى الله عليه وسلم) : (إن الله لا يمل حتى تملوا) . يعنى أن الله لا يقطع المجازاة على العبادة حتى تقطعوا العمل. فأخرج اللفظ المجازاة بلفظ الفعل، لأن الملل غير جائز على الله تعالى، ولا هو من صفاته. وقول عائشة:(كان يقوم إذا سمع الصارخ) ، فهو فى حدود ثلث الليل الآخر، ليتحرى وقت تنزل الله تعالى، ثم يرجع إلى الاضطجاع للراحة من نصب القيام، ولما يستقبله من طول قيام صلاة الصبح، فلذلك كان ينام عند السحر، وهذا كان يفعله (صلى الله عليه وسلم) فى الليالى الطوال، وفى غير شهر رمضان، لأنه قد ثبت عنه تأخير السحور على ما يأتى فى الباب بعد هذا، إن شاء الله.
/ ١٠١ - فيه: أَنَس، أَنَّ النَّبِىّ، (صلى الله عليه وسلم) ، وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ تَسَحَّرَا، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَحُورِهِمَا، قَامَ نَبِىُّ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) إِلَى الصَّلاةِ، فَصَلَّيا قُلْت لأنَسٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِى الصَّلاة؟ ِ قَالَ: كَقَدْرِ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً. فى هذا الحديث تأخير السحور. وقوله:(كم كان بين فراغهما ودخولهما فى الصلاة) يريد صلاة الصبح، وقد ترجم البخارى لهذا الحديث فى كتاب الصيام، باب قدر كم بين السحور وصلاة الصبح. إلا أنه أول ما قام إليه