للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والابتلاء بجمع ذلك كله، وقد أخبر الله تعالى عن الأموال والأولاد أنها فتنة، وقال تعالى: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) [التكاثر: ١] ، وخرج لفظ الخطاب على العموم؛ لأن الله تعالى فطر العباد على حب المال والولد، ألا ترى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى ثالثًا) . فأخبر عن حرص العباد على الزيادة فى المال، وأنه لا غاية له يقنع بها ويقتصر عليها، ثم أتبع ذلك بقوله: (ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب) ، يعنى إذا مات وصار فى قبره ملأ جوفه التراب، وأغناه بذلك عن تراب غيره حتى يصير رميمًا. وأشار (صلى الله عليه وسلم) بهذا المثل إلى ذم الحرص على الدنيا والشره على الازدياد منها؛ ولذلك آثر أكثر السلف التقلل من الدنيا والقناعة والكفاف فرارًا من التعرض لما لا يعلم كيف النجاة من شر فتنته، واستعاذ النبى (صلى الله عليه وسلم) من شر فتنة الغنى، وقد علم كل مؤمن أن الله تعالى قد أعاذه من شر كل فتنة، وإنما دعاؤه بذلك (صلى الله عليه وسلم) تواضعًا لله وتعليمًا لأمته، وحضًا لهم على إيثار الزهد فى الدنيا. وقوله: (تعس عبد الدينار. .) إلى آخر الحديث فيه ذم مَنْ فتنه متاع الدنيا الفانى، وتعِس قيل: معناه هلك، وقيل: التعس: أن يخر على وجهه، وقد ذكرت اختلاف أهل اللغة فى تفسير هذه الكلمة فى كتاب الجهاد فى باب الحراسة فى الغزو فى سبيل الله.

- بَاب قَوْلِ النَّبِىِّ (صلى الله عليه وسلم) : (إن هَذَا الْمَالُ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ (الآية [آل عمران: ١٤] . وقَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّا لا نَسْتَطِيعُ إِلا أَنْ نَفْرَحَ بِمَا زَيَّنْتَهُ لَنَا، اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ أَنْ أُنْفِقَهُ فِى حَقِّهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>