/ ٢٣ - فيه: حَكِيم، سَأَلْتُ النَّبِيَّ - عليه السلام - فَأَعْطَانِى ثلاثًا، ثُمَّ قَالَ لِى:(يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ، لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى) . قال المؤلف: هذا الباب فى معنى الذى قبله يدل على أن فتنة المال والغنى مخوفة على من فتحه الله عليه لتزيين الله تعالى له، ولشهوات الدنيا فى نفوس عباده؛ فلا سبيل لهم إلى بعضته إلا بعون الله على ذلك، ولهذا قال عمر: اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينت لنا، ثم دعا الله أن يعينه على إنفاقه فى حقه، فمن أخذ المال من حقه ووضعه فى حقه فقد سلم من فتنته، وحصل على ثوابه، وهذا معنى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (فمن أخذه بطيب نفس بورك فيه) ، وفى قوله أيضًا:(ومن أخذه بطيب نفس) تنبيه لأمته على الرضا بما قسم لهم، وفى قوله:(ومن أخذه بإشراف نفس لم يُبارك له فيه، وكان كالذى يأكل ولا يشبع) ذم الحرص والشره إلى الاستكثار، ألا ترى أنه شبّه فاعل ذلك بالبهائم التى تأكل ولا تشبع وهذا غاية الذم له لأن الله تعالى وصف الكفار بأنهم يأكلون كما تأكل الأنعام، يعنى: أنهم لا يشبعون كما لا تشبع الأنعام؛ لأن الأنعام لا تأكل لإقامة أرماقها، وإنما تأكل للشره والنهم. فينبغى للمؤمن العاقل الفهم عن الله تعالى وعن رسوله أن يتشبه بالسلف الصالح فى أخذ الدنيا ولا يتشبه بالبهائم التى لا تعقل، وقد فسرنا قوله:(خضرة حلوة) فى كتاب الزكاة.