ينبغى للمؤمن إذا فعل شيئًا لله أن يخفيه عن الناس؛ فإن الله لا يخفى عليه شيء، روى هذا عن بريدة الأسلمي. قال الطبرى: والصواب أنه لا بأس بالتسويم والإعلام فى الحرب إذا فعله الفاعل من أهل البأس والنجدة، وهو قاصد بذلك شد الناس على أن لا [. . . .] والصبر للعدو والثبات لهم فى اللقاء، وهو يريد ترهيب العدو إذا عرفوا مكانه، وإعلام من معه من المسلمين أنه لا يخذلهم ولا يسلمهم. وأما إذا لم يرد ذلك وقصد به الافتخار فهذا المعنى هو المكروه؛ لأنه ليس ممن قاتل لتكون كلمة الله هى العليا وإنما قاتل للذكر.
٨٦٤ / فيه: أَبُو سَعِيد، لَمَّا نَزَلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ بْن مُعَاذٍ، بَعَثَ النَّبِىّ، (صلى الله عليه وسلم) ، وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُ، فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا، قَالَ النَّبِىّ، (صلى الله عليه وسلم) : (قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ) ، فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى النَّبِىّ، (صلى الله عليه وسلم) ، فَقَالَ لَهُ:(إِنَّ هَؤُلاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ) ، قَالَ: فَإِنِّى أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ، وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ، قَالَ:(لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ) . قال المهلب: فيه جواز التحكيم فى أمر الحرب وغيره، وذلك رد على الخوارج الذين أنكروا التحكيم على عليّ. وفيه: أن التحاكم فى الدنيا إلى رجل معلوم الصلاح والخير لازم للمتحاكمين. فكيف بيننا وبين عدونا فى الدين؟ وأن المال أخف مؤنة من النفس والأهل. وفيه: أمر السلطان والحاكم بإكرام السيد من المسلمين، وجواز إكرام أهل الفضل فى مجلس السلطان الأكبر والقيام فيه لغيره من أصحابه وسادة أتباعه، وإلزام الناس كافة القيام إلى سيدهم.