قال المهلب: فى هذه الآية التى فى الترجمة دليل على أن كل مقتول غدرًا أنه شهيد؛ لأن أصحاب بئر معونة قتلوا غدرًا بهم. وأما حياة الشهيد فقد اختلف الناس فى كيفيتها، وأولى ما قيل فيها والله أعلم أن تكون الأرواح ترزق، وكذلك جاء الخبر أن (صلى الله عليه وسلم) قال: (إنما نسمة المؤمن طائر تعلق فى شجر الجنة) يعنى: يأكل منها، كذلك فسره أهل اللغة، وحديث تعليق عام، وقد خصصه القرآن بأشياء باشتراط الشهداء. وقوله فى حديث جابر:(ثم قتلوا شهداء) يعنى: والخمر فى بطونهم؛ فإنما كان هذا قبل نزول تحريمها، فلم يمنعهم ما كان فى علم الله من تحريمها، ولا كونها فى بطونهم من حكم الشهادة، وفضلها؛ لأن التحريم إنما يلزم بالنهى، وما كان قبل النهى فهو معفو عنه.
- باب ظِلِّ الْمَلائِكَةِ عَلَى الشَّهِيدِ
٦٧٦ / - فيه: جَابِر: جِىءَ بِأَبِى إِلَى النَّبِىِّ، (صلى الله عليه وسلم) ، وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، وَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ، فَنَهَانِى قَوْمِى، فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ، فَقِيلَ: بَنْتُ عَمْرٍو، أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو، فَقَالَ:(لِمَ تَبْكِى؟ أَوْ فَلاَ تَبْكِى، مَا زَالَتِ الْمَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا، حَتَّى رُفِعَ) . قال المهلب: هذا من فضل الشهادة وضع الملائكة أجنحتها عليه رحمة له وفيه أن النياحة ليست الشدة فى النهى عنها إلا إذا كان معها شيء من أفعال الجاهلية من شق وخمش ودعوى الجاهلية على ما تقدم فى كتاب الجنائز.