ورماه ببصره، ومنه قيل للمكان المرتفع: شرف، وللشريف من الرجال شريف لا رتفاعه عمن هو دونه بمكارم الأخلاق. قال المهلب: وفى حديث عمر من الفقه أن للإمام أن يعطى الرجل العطاء وغيره أحوج إليه منه، إذا رأى لذلك وجهًا لسابقة أو لخير، أو لغناء عن المسلمين، وفيه أن ما جاء من المال الطيب الحلال من غير مسألة، فإن أخذه خير من تركه إذا كان ممن يجمل الأخذ منه، وفيه أن رد عطاء الإمام ليس من الأدب، لأنه داخل تحت عموم قوله تعالى:(وما آتاكم الرسول فخذوه)[الحشر: ٧] فإذا لم يأخذه فكأنه لم يأتمر لله، فكأنه من سوء الأدب.
٤٩ - باب مَنْ سَأَلَ النَّاسَ تَكَثُّرًا
/ ٦٤ - فيه: ابْنَ عُمَرَ، قَالَ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) : (مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِىَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِى وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ) . وَقَالَ:(إِنَّ الشَّمْسَ تَدْنُو يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَبْلُغَ الْعَرَقُ نِصْفَ الأذُنِ) . قال المهلب: فيه ذم السؤال وتقبيحه، وفهم البخارى، رحمه الله، أن الذى يأتى يوم القيامة لا لحم فى وجهه من كثرة السؤال أنه السائل تكثرًا بغير ضرورة إلى السؤال، ومن سأل تكثرًا فهو غنى لا تحل له الصدقة، فعوقب فى الآخرة. قال عبد الواحد: عوقب فى وجهه بأن جاء لا لحم فيه، فجازاه الله من جنس ذنبه حين بذل وجهه وعنده كفاية. قال المهلب: والمزعة: القطعة من اللحم، فإذا جاء لا لحم فى