/ ٣٥ - فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِىَّ (صلى الله عليه وسلم) ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وُلِدَ لِى غُلامٌ أَسْوَدُ، فَقَالَ:(هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ) ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ:(مَا أَلْوَانُهَا) ؟ قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ:(هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ) ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:(فَأَنَّى ذَلِكَ) ؟ قَالَ: لَعَلَّ عرقًا نَزَعَهُ، قَال:(فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ) . احتج بهذا الحديث الكوفيون والشافعى، فقالوا: لا حد فى التعريض، ولا لعان بالتعريض؛ لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) لم يوجب على هذا الرجل الذى عرض له بامرأته حدا. وأوجب مالك الحد فى التعريض واللعان بالتعريض إذا فهم منه من القذف ما يفهم من التصريح. وقال أصحابه فى تأويل هذا الحديث للكوفيين: لا حجة لكم فيه؛ لأن الرجل لم يرد بتعريضه القذف وإنما جاء سائلاً مستشيرًا، ودليل ذلك فى الحديث، وذلك لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) لما ضرب له المثل سكت، ورأى أن الحق فيما ضرب له النبى (صلى الله عليه وسلم) من ذلك. قال المهلب: فالتعريض إذا لم يكن على سبيل المشاتمة والمواجهة، وكان على سبيل السؤال عما يجهل من المشكلات، فلا حد فيه، ولو وجب فى هذا حد، لبقى شىء من علم الدين لا سبيل إلى التوصل إليه من ذكر من عرض له فى ذلك عارض، ولا يجب عند مالك فى التعريض حد إلا أن يكون على سبيل مشاتمة ومواجهة يعلم قصده لذلك. وسيأتى اختلاف العلماء وبيان مذاهبهم فى التعريض فى كتاب الحدود، إن شاء الله.