قال المهلب: وقد تكون الإشارة فى كثير من أبواب الفقه أقوى من الكلام مثل قوله، عليه السلام:(بعثت أنا والساعة كهاتين) ، ومتى كان يبلغ البيان إلى ما بلغت إليه الإشارة، والإعراب بما بينهما بمقدار زيادة الوسطى على السبابة، وفى إجماع العقول على أن العيان أقوى من الخبر دليل أن الإشارة قد تكون فى بعض المواضع أقوى من الكلام. قال ابن المنذر: والمخالفون يلزمون الأخرس الطلاق والبيوع وسائر الأحكام، فينبغى أن يكون القذف مثل ذلك. واتفق مالك، والكوفيون، والشافعى، أن الأخرس إذا كتب الطلاق بيده لزمه. وقال الكوفيون: إذا كان رجل أصمت أيامًا، فكتب لم يجز من ذلك شىء. قال الطحاوى: والخرس مخالف للصمت العارض، كما أن العجز عن الجماع العارض بالمرض ونحوه يومًا أو نحوه مخالف للعجز الميئوس معه الجماع نحو الجنون فى باب خيار المرأة فى الفرقة. قال المهلب: وأما الأصم، فإن فى أمره بعض إشكال، ولكن قد يستبين إشكال أمره بترداد الإشارة على الشىء حتى يرتفع الإشكال، فإن فهم عنه ذلك جاز جميع ما أشار به، وأما المتكلم فإذا كتب الطلاق بيده فله أن يقول: إنما كتبته مراوضًا لنفسى لأستخير الله تعالى فى إنفاذه؛ لأن لى درجة فى البيان بلسانى هى غايتى، فلا يحال بينى وبين غاية ما لى من البيان، والأخرس لا غاية له إلا الإشارة.