للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونُ فِيهِ، وَيَمْكُثُ فِيهِ لا يَخْرُجُ مِنَ الْبَلَدِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لا يُصِيبُهُ إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ) . معنى هذا الباب أن الله أعلم عباده أن ما يصيبهم فى الدنيا من الشدائد والمحن والضيق والخصب والجدب، أن ذلك كله فعل الله يفعل من ذلك ما يشاء بعباده ويبتليهم بالخير والشر، وذلك كله مكتوب فى اللوح المحفوظ، ولا خلاف فى هذا بين جماعة الأمة من قدرى وسُنى، وإنما اختلفوا فى أفعال العباد الواقعة منهم على ما تقدم وهذه الآية إنما جاءت فيما أصاب العباد من أفعال الله التى اختص باختراعها دون خلقة، ولم يقدرهم على كسبها دون ما أصابوه مكتسبين له مختارين.

- باب) وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) [الأعراف: ٤٣] و) لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِى لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [الزمر: ٥٧]

/ ٢٥ - فيه: الْبَرَاء، رَأَيْتُ النَّبِىَّ (صلى الله عليه وسلم) يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَهُوَ يَقُولُ: (وَاللَّهِ لَوْلا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلا صُمْنَا وَلا صَلَّيْنَا) . فى هاتين الآيتين وفى الحديث نص أن الله تعالى انفرد بخلق الهدى والضلال، وإنما قدر العباد على اكتساب ما أراد منهم اكتسابهم له من إيمان أو كفر، وأن ذلك ليس بخلق للعباد كما زعمت القدرية. وروى أن على بن أبى طالب لقى رجلاً من القدرية فقال له: خالفتم الله وخالفتم الملائكة، وخالفتم أهل الجنة وخالفتم أهل النار، وخالفتم الأنبياء وخالفتم الشيطان، فأما خلافكم الله فقوله: (إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَاء) [القصص: ٥٦] ، وأما خلافكم

<<  <  ج: ص:  >  >>