/ ٦٤ - فيه: عُمَرَ، أنَّهُ جَلَس عَلَى الْكُرْسِىِّ فِى الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لا أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلا بَيْضَاءَ إِلا قَسَمْتُهُ، قُلْتُ: إِنَّ صَاحِبَيْكَ لَمْ يَفْعَلا، قَالَ: هُمَا الْمَرْءَانِ أَقْتَدِى بِهِمَا. قال ابن جريج: زعم بعض علمائنا أن أول من كسا الكعبة إسماعيل، عليه السلام. قال ابن جريج: وبلغنى أن تُبَّعًا أول من كساها، ولم تزل الملوك فى كل زمان يكسونها بالثياب الرفيعة، ويقومون بما تحتاج إليه من المؤنة تبركًا بذلك، فرأى عمر أن ما فيها من الذهب والفضة لا تحتاج إليه الكعبة لكثرته، فأراد أن يصرفه فى منافع المسلمين نظرًا لهم وحيطة عليهم، فلما أخبره شيبة بأن النبى (صلى الله عليه وسلم) وأبا بكر لم يتعرضا لذلك وتركاه أمسك وصوب فعلهما، وإنما ترك ذلك والله أعلم لأن ما جعل فى الكعبة وسبل لها يجرى مجرى الأوقاف، ولا يجوز تغيير الأوقاف عن وجوهها ولا صرفها عن طرقها، وفى ذلك أيضًا تعظيم للإسلام وحرمانه، وترهيب على العدو، وقد روى ابن عيينة عن عمرو، وعن الحسن قال: قال عمر ابن الخطاب: (لو أخذنا ما فى هذا البيت، يعنى الكعبة، فقسماه، فقال له أبىّ بن كعب: والله ما ذلك لك، قال: ولم؟ قال: لأن الله بين موضع كل مال، وأقره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . قال: صدقت) . فإن قال قائل: ما وجه ترجمة هذا الباب بباب كسوة الكعبة ولا ذكر فيه لكسوة؟ قيل له: معنى الترجمة صحيح، ووجهها أنه معلوم أن الملوك فى كل زمان كانوا يتفاخرون بكسوة الكعبة برفيع الثياب المنسوجة بالذهب وغيره، كما يتفاخرون بتسبيل الأموال