قال المؤلف: وحديث أبى بكرة حجة فى ذلك لأنه (صلى الله عليه وسلم) أمره بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم، فبان أن الجماعة المأمور باتباعها هى السواد الأعظم مع الإمام الجامع لهم، فإذا لم يكن لهم إمام فافترق أهل الإسلام أحزابًا فواجب اعتزال تلك الفرق كلها على ما أمر به النبى (صلى الله عليه وسلم) أبا ذرّ ولو أن يعض بأصل شجرة حتى يدركه الموت، فذلك خير له من الدخول بين طائفة لا إمام لها خشية ما يئول من عاقبة ذلك من فساد الأحوال باختلاف الأهواء وتشتت الآراء. وقال صاحب العين: الدخن: الحقد، ويوم دخنان: شديد الغم.
- باب مَنْ كَرِهَ أَنْ يُكَثِّرَ سَوَادَ الْفِتَنِ وَالظُّلْمِ
/ ٢٦ - فيه: أَبُو الأسْوَدِ، قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ، فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَنَهَانِى أَشَدَّ النَّهْىِ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ، يُكَثِّرُونَ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، فَيَأْتِى السَّهْمُ، فَيُرْمَى فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ، أَوْ يَضْرِبُهُ فَيَقْتُلُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِى أَنْفُسِهِمْ)[النساء: ٩٧] . قال المؤلف: ثبت عن النبى أنه قال: من كان مع قوم راضيًا بحالهم فهو منهم صالحين كانوا أو فاسقين، هم شركاء فى الأجر أو الوزر، ومما يشبه معنى هذا الحديث فى مشاركة أهل الظلم فى الوزر قوله (صلى الله عليه وسلم) : (من آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) .