قال ابن المنذر: ورواية اثنين أولى من رواية واحد مع رواية ابن عباس من الطرق الثابتة أنه كان عبدًا.
- باب شَفَاعَةِ النَّبِىِّ (صلى الله عليه وسلم) فِى زَوْجِ بَرِيرَةَ
/ ٢٢ - فيه: ابْن عَبَّاس، أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ، كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِى، وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) لِعبَّاسٍ: (يَا عَبَّاسُ، أَلا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا) ؟ فَقَالَ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) : (لَوْ رَاجَعْتِهِ) ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَأْمُرُنِى، قَالَ:(إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ) ، قَالَتْ: لا حَاجَةَ لِى فِيهِ. قال الطبرى: فيه من الفقه جواز استشفاع العالم والخليفة فى الحوائج والرغبة إلى أهلها فى الإسعاف لسائلها، وأن ذلك من مكارم الأخلاق، وقد قال النبى (صلى الله عليه وسلم) : (اشفعوا تؤجروا، ويقضى الله على لسان رسوله ما شاء) ، وهذا يدل أن الساعى فى ذلك مأجور، وإن لم تنقض الحاجة. وفيه من الفقه: أنه لا حرج على إمام المسلمين وحاكمهم إذا اختصم إليه خصمان فى حق وثبت الحق على أحدهما، إذا سأله الذى ثبت الحق عليه أن يسأل من ثبت ذلك له تأخير حقه أو وضعه عنه، وأن يشفع له فى ذلك إليه، وذلك أن النبى (صلى الله عليه وسلم) شفع إلى بريرة وكلمها بعدما خيرها وأعلمها ما لها من الخيار، فقال:(لو راجعتيه) . وفيه من الفقه: أن من سئل من الأمور ما هو غير واجب عليه فعله، فله رد سائله وترك قضاء حاجته، وإن كان الشفيع سلطانًا أو عالمًا أو شريفًا؛ لأن النبى، عليه السلام، لم ينكر على بريرة ردها إياه فيما