وفى حديث بريرة حجة لمن قال: لا خيار للأمة إذا عتقت تحت الحر؛ لأن خيارها إنما وقع من أجل كونه عبدًا، وقد روى أهل العراق، عن الأسود، عن عائشة، أن زوج بريرة كان حرًا. واختلف العلماء فى الأمة إذا أعتقت تحت الحر، فروى عن ابن عباس، وابن عمر، أنه لا خيار لها، وهو قول عطاء، وسعيد بن المسيب، والحسن، وابن أبى ليلى، وبه قال مالك، والأوزاعى، والليث، والشافعى، وأحمد، وإسحاق. وقالت طائفة: لها الخيار حرًا كان زوجها أو عبدًا، روى ذلك عن الشعبى، والنخعى، وابن سيرين، وهو قول الثورى، والكوفيين، وأبى ثور، واحتجوا برواية الأسود، عن عائشة، أن زوجها كان حرًا، وقالوا: الأمة لا رأى لها فى إنكاح مولاها؛ لإجماعهم أنه يزوجها بغير إذنها، فإذا عتقت كان لها الخيار الذى لم يكن لها حال العبودية. وحجة من قال: لا خيار لها تحت الحر، أنها لم تحدث لها حال ترتفع به عن الحر، فكأنهما لم يزالا حرين ولم ينقص حال الزوج عن حالها، ولم يحدث به عيب، فلم يكن لها خيار، وقد أجمع العلماء أنه لا خيار لزوجة العنين إذا ذهبت العلة قبل أن يقضى بفراقه لها، وكذلك سائر العيوب زوالها ينفى الخيار، وأما رواية الأسود، عن عائشة، فقد عارضها من هو ألصق بعائشة وأقعد بها من الأسود، وهو القاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، رويا عن عائشة أنه كان عبدًا، والأسود كوفى سمع منها من وراء حجاب، وعروة والقاسم كانا يسمعان منها بغير حجاب؛ لأنها خالة عروة وعمة القاسم، فهما أقعد بها من الأسود.