قال الطبري: والصواب عندنا أن يقال كل هذه الأخبار عن النبي صحيح، وليس فى شىء منها مايدفع غيره ولا ينسخه، ولو كان فيها ناسخ أو منسوخ لنقلت الأمة بيان ذلك، وإنما كان نهى النبي عن التكنى بكنيته تكرهًا إعلامًا منه أمته أن الجميع بين اسمه وكنيته أو التكنى بكنيته على الكراهة لا على التحريم، وذلك أنه لو كان على التحريم لم تجهل الأمة ذلك ولم يطلق المهاجرون والأنصار ذلك لمن فعله ولأنكروه، وفى تركهم إنكاره دليل على صحة قولنا. وقال غير الطبرى: وإنما نهى النبي عليه السلام أن يجمع بين اسمه وكنيته تعزيزًا له وتوقرًا؛ لئلا يدعى غيره باسمه فيظن عليه السلام أنه هو المدعو به فيعنت بذلك، وقد روى غيره أن هذا المعنى كان سبب هذا الحديث، روى أبو عيسى الترمذى: حدثنا الحسن بن على الخلال، حدثنا يزيد بن هارون، عن حميد، عن أنس، عن النبي:(أنه سمع رجلا ينادى فى السوق ياأبا القاسم، فالتفت عليه السلام، فقال له الرجل: لم أعنك، فقال عليه السلام: لا تكنوا بكنيتى) وقد أمر الله عباده المؤمنين أن لا يجعلوا دعاء الرسول بينهم كدعاء بعضهم بعضًا، وأن لا يرفعوا أصواتهم فوق صوته، ولايجهروا له بالقول، وهذا كله حض على توقره وإجلاله وتخصيصه بكنيته لا يدعى بها غيره من إجلاله وتوقرة.